يمتاز عطر “أو دي سينس” الجديد من “ديبتيك” برائحته الفريدة التي سرعان ما تملأ النفس بالحيرة؛ فهو يحرك بجاذبيته الحواس جميعها مستحضراً إلى أذهان البعض مظهر الألوان الساحرة، بينما يسمع البعض الآخر من خلاله همسات ناعمة شجية، ويستشعر آخرون مذاق أطايب المأكولات، أو يتحسس بعضهم ملمس البشرة الناعمة وعبق رائحتها المدهشة تزكي أنوفهم؛ وهو بجميع هذه الحالات يفرض تناغماً مفعماً بالجاذبية والحنين.
ويبـدو هذا العطر الفاخر بنفحاته المذهلة ضرباً من ضـروب الخيال؛ إذ يتمحـور حول فكرة ابتكار فلسفة عطرية خارجة عن المألوف وتكريس معنى جديد لنعومة البشرة عبر إضفاء عـوالم حسية وروحية تجسد في مضمونها سحر هذا المصدر المتكامل والمتجدد. ولعل المفهوم الإبداعي الأصيل هو السر الخفي الكامن وراء الذكريات المتجددة التي يحييها عطر “أو دي سينس”؛ فجميع النفحات التي ينطوي عليها مستخلصة من روائح أوراق وثمار وقشور الحمضيات لأسر كامل طاقتها الحيوية. ويجمع العطر بين رائحتي أزهار البرتقال وأغصانها المعـززة بمزيد من الألق والحيوية، كما تتماهى نفحات البرتقال اللاذعة مع عبيـر أزهاره الحاضر دوماً بين طيات العطر.
ويجسـد “أو دي سينس” إحدى مغامـرات “ديبتيك” المذهلة؛ فكلما ظـن المرء أنه فهمه وأحاط بجميع أسراره، يغير توجهاته ويبوح بجوانب أخـرى مفعمة بروائح الخشب والتـوابل التي تملأ النفس بالحيرة.
ويتسم العطر بطابعه الغني المتناغم الذي يبدو معه أشبه ببرتقالة مستلقية على كتف غصن أخضر تحت أشعة الشمس في جنوب فرنسا الحالمة. وهو يبلغ مفهوماً أعمق لدى استنشاق نفحاته الخشبية المعززة بشذى الزنجبيل الفواح. ويفتقر “أو دي سينس” في نظر البعض إلى المنطق السليم باعتبار أن تركيبته تجسد حالة فريدة من التوازن يحار معها المرء فيمـا إذا عطـراً رجالياً أم نسـائياً. ورغم أنه ينأى بنفسه عن العواطف الوجدانية الرقيقة، إلا أنه بلا شك عطر مفعم بجاذبية حسية لا تقاوم. وهذا ينطوي بدوره على تناقض مزدوج بالنسبة لعطر يحمل هذا الاسم من “ديبتيك”. وفي جميع الأحوال، لا يمكن للمرء إلا أن ينقاد لرائحته الآسرة التي تترك أثراً طيباً يدغدغ الحواس.
ويشبه عطر “أو دي سينس” الموسيقى في تركيبته المتناغمة التي تتغلغل في ثنايا البشرة إلى القلب مباشرة؛ فهو مزيج نابض ومتناغم من روائح أزهار البرتقال الشذية، والبرتقال اللاذع، والعرعر، والتوت، وحشيشة الملاك، والباتشولي.
